هل تصدق أن طبق السوشي الياباني الشهير، الذي انتشر في العالم كله،  يهدد حياة  التونة بالانقراض ؟.. نعم ما قرأته صحيحاً ولكن مع تعديل بسيط، وهو المهدد بالانقراض، نوع واحد من التونة، وهي "التونة الزرقاء".

ولكي لا تحتار، فأسماك التونة لها أشكال وأنواع مختلفة، منها "سكيب جاك " وتقدم كلحم خفيف في السلطات والشطائر، و"يلّوفن" -التونة ذات الزعانف الصفراء- و"البيج آي"،  ويقدمان كمشويات فقط، و"الباكور" وهي أسماك صغيرة الحجم يستخدم كلحم تونة أبيض، وأخيرا "التونة الزرقاء"، التي تتسم بضخامتها وطيب لحومها، ما يجعل منها الخيار المفضل لتحضير طبقي "السوشي" و"الساشيمي"، الأكثر إقبالا عليهما في العالم.

سمكة وزنها 679 كجم
"وقد ارتفاع الطلب على هذين الطبقين منذ سبعينيات القرن الماضي، ما أدى إلى الإقبال على صيد  "التونة الزرقاء" أو "البلوفين"،  التي تتسم بالطعم المميز، وتسبب الصيد الجائر لها في تراجع أعدادها بشكل كبير، ما يهدد باختفائها تماما خلال السنوات المقبلة"، بحسب د. رجاء عبدالله، وكيل كلية تكنولوجيا المصايد والأسماك، بجامعة أسوان، قبل أن تواصل: "السمكة يميزها وجود زعانف زرقاء على جسمها، إضافة إلى وزنها الضخم الذي لايقل عن 300 كيلو جرام، وكان وزن أكبر سمكة تم اصطيادها من هذا النوع عام 1979 قرب ساحل نوفا سكوتيا- بكندا 679 كجم".

وتعيش "التونة الزرقاء" بشكل دائم في مياه المحيط الأطلنطي المعتدلة، من الإكوادور إلى النرويج،  ومن غرب البحر المتوسط إلى المكسيك،  والحديث  مازال للدكتورة رجاء،  ويتراوح طولها بين 2- 4 أمتار، وتبيض إناثها قرابة 10 ملايين بيضة في العام الواحد، وتعيش حتى 30 عام.

400 ألف دولار ثمنا لسمكة
وتُباع "البلوفين"، بأسعار مرتفعة للغاية خاصة في اليابان، كما تؤكد د. رجاء، حيث بيعت عام 2001 سمكة التونة الزرقاء وزن 200 كجم في أحد أسواق اليابان بمبلغ  173 ألف دولار، وفي 2011 بيعت أخرى في اليابان أيضا، وزن 342 كجم بـ 400 الف دولار، الأمر الذي اجتذب أساطيل الصيد، لإيجاد طرقًا جديدة للعثور على تلك  الأسماك العملاقة واصطيادها بطرق غير قانونية، لتحقيق الثراء.

ومن هنا أُطلقت قيود  دولية للحفاظ على مخزون تلك الأسماك، في مياه العالم خاصة التي في سن التكاثر.

513 طناً حصة مصر من "التونة الزرقاء"
وفي هذا السياق، فقد وضعت اللجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة الزرقاء، وشبيهاتها "الأيكات" وهي منظمة حكومية دولية لمصايد الأسماك، تأسست عام 1966، التدابير التنظيمية للدول الأعضاء لصيد التونة،  وتدرس المخزونات السمكية لهذه الأنواع وتوزيع الحصص على أعضائها من الدول  البالغ عددهم 53 دولة من خلال الاجتماع السنوي الذى يعقد في نوفمبر من كل عام، وفقا للدكتور صلاح مصيلحي رئيس مجلس إدارة جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية  

وانضمت مصر  عام 2007 لـ"الايكات"، التي كانت اتخذت  قرارا بتجميد الحصص عند حد معين وعدم منح أي حصص أو زيادة للدول الأعضاء لحين استعادة المخزون من أسماك التونة الزرقاء،  إلى وضعها الطبيعي بعد تعرضها للتهديد بالانقراض، قبل أن تحل التجميد في 2009، وتقر لمصر حصة من التونة الزرقاء حجمها 50 طناً، رفعتها إلى 330 طناً في 2020، ثم 513 طناً سنويا، خلال العام الجاري 2024، لالتزام مصر بتقديم التقارير المطلوبة في مواعيدها وامتثالها لقرارات المنظمة الملزمة.

إشتراطات صيد الـ"البلوفين"
ووضعت  اللجنة الدولية اشتراطات لصيد الـ"بلوفين"، وفق توضيح  د.مصيلحي، تتضمن أن يكون ملاك مركب الصيد مصريين،  وأن يتجاوز طولها 20 متراً، وأن تكون مزودة بكافة الأجهزة الملاحية وأجهزة رصد الأسماك العائمة واللاسلكي والالتزام بإرسال الإشارات عبر جهاز VMS في مواعيدها ووفقاً للتوقيتات التي تحددها الـ"أيكات" .

تتضمن الاشتراطات أيضا، أن يكون  للمركب رقما دوليا من المنظمة البحرية الدولية، و ألا تكون المركب مدرجة على قوائم سوداء وليس لها  أنشطة صيد مخالفة ترتب عليها احتجازها أو وقف رخصه الصيد وقفاً مؤقتاً ،و مؤهلة للعمل في المياه العميقة وخارج الرصيف القاري بالمياه المصرية IMO.

لا لصيد الأقل من 30 كجم
وشدد رئيس مجلس إدارة جهاز حماية وتنمية البحيرات والثروة السمكية، على أن  الأهم بالنسبة للجنة الدولية،  هو الالتزام بتنفيذ خطة الصيد التي يعدها الجهاز وتوافق عليها وتعتمدها المنظمة دون أي إخلال ببنودها أو الآجال المحددة بها وبتيسير عمل الباحثين العلميين بالتنسيق مع الجهاز لأخذ العينات وإجراء الفحوص العلمية اللازمة أثناء عمليات الصيد وتوثيق عمليات الصيد والنقل إلى أقفاص التربية (بالتصوير بالفيديو) وتسليم هذه الأفلام لمراقبي الصيد ومراقبي منظمة الأيكات عند طلبهم ذلك.

كما تشترط اللجنة بحسب د. مصيلحي،   عدم صيد  التونة الزرقاء بحجم أقل  من 30 كجم للسمكة الواحدة ، وعدم نقل أو شحن أو تداول للتونة المصيدة بعرض البحر المتوسط، وفي حالة نقلها حية إلى أقفاص بمصر أو دولة أخرى بغرض التسمين يجب إخطار الجهاز، وفي حالة وجود مصيد من التونة لم يتم استزراعه للتسمين،  يجب أن تلتزم مركب الصيد بإنزال هذا المصيد بأحد الموانئ المصرية،  التي يحددها الجهاز للشركة دون غيره.