تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
لبيت دعوة سحور في إحدى ليالي الشهر الفضيل من جانب أحد أصدقائي الذي له باع طويل في الإبداع الأدبي، بل ويدير أسبوعيا صالون ثقافي، يحج إليه الكثير من المهتمين بالأدب والثقافة والتراث.
حضر تلك اللية الرائعة نحو عشرة أشخاص، كنت من بينهم، ولم أكن أعرفهم جميعا قبل أن نتعارف، وتنوعت الأحاديث بيننا على مائدة السحور ما بين سياسية واجتماعية وفنية وثقافية، وبعد أن انتصف الليل بنحو ساعتين، شكرت مضيفي، و استأذنت في الانصراف، وتبعني آخرين، إلا أن أحد الحضور وهو مهندس مدني خمسيني العمر يدعى أحمد حسين، ويرجع أصله للنوبة، طلب منا البقاء لدقائق ليعلن أمرا .
دعوة لحضور الحنة
عدنا إلى مقاعدنا، وبعد مقدمة من كلمات بسيطة أعرب فيها عن سعادته بالتواجد بيننا في تلك الليلة، ودعانا لتكرارها من جديد ولكن بشكل مختلف لديه، من خلال دعوتنا إلى "حنة" وزفاف ابنه خلال أجازه عيد الفطر المبارك.
تسابق الجميع لتقديم التهاني والأمنيات الطيبة، والوعد بالحضور، إلا أنني تعجبت من دعوته لحضور "الحنة"، فبادرته بسؤالي ضاحكا، أليست حفلات الحنة للسيدات والفتيات؟، فانتبه الجميع وهم يتطلعون إليه انتظارا للإجابة وقال: "الحقيقة طقوس "الحنة" في النوبة، تختلف فهي متعلقة بالعريس أكثر من العروس، ولأن تفاصيلها كثيرة، لن يتسع الوقت لأحدثكم عنها، وأعدكم بجلسة أخرى قبل انتهاء رمضان أحكي لكم عنها".
الانتقال إلى الحياة الزوجية
ودعنا مضيفنا، بعد أن اتفقنا على ترتيب لقاء جديد في موعد حددناه، لكن الأمر شغلني، وقررت البحث فيه.
وجاءت تسمية الليلة التي تسبق ليلة الزفاف بهذا الاسم نسبًة إلى عادة استخدام مسحوق أوراق شجرة الحناء في تخضيب أيدي وأقدام العروسين ، بهدف – كما قال د. محمد الجوهري في موسوعة التراث الشعبي في مجلد "العادات والتقاليد الشعبية" التزين، فضلًا عن إنها تعد رمزًا لانفصالهما عن مرحلة ما قبل الزواج، والانتقال إلى مرحلة الزوجية.
شروط من تقوم بحنة العريس
ولا تخلو مراسم الاحتفال بهذه الليلة - وخاصًة في منطقة النوبة المصرية – من العديد من الأشكال الثقافية كما أبرز "الجوهري"، حيث يقام في هذه الليلة احتفالان كبيران، أحدهما بمنزل العريس، والآخر بمنزل العروس، وفيهما يجتمع الأقارب والأصدقاء في الميعاد المحدد المتفق عليه من قبل أهل العريس والعروس.
ويتم استقبال الضيوف من قبل أهل العروسين والترحيب بهم بشكل أكثر من لائق، حيث يقدم لهم أشهى الأطعمة التقليدية ذات الطابع النوبي المميز، وفي تلك الأثناء - وخاصًة في حنة العريس – وبعد تجهيز "صينية الحنة" المكونة من (الحنة، والعطور، والبخور، وأنواع من الزيوت ذات الرائحة الطيبة كالمحلبية والسرتية)، يستعد العريس لعملية التخضيب بالحناء، فيخرج من بيته ليجلس على الأرض وسط أقاربه وأحبابه أمام البيت في وضع اتجاه القبلة، قبل أن تأتي والدته، أو إحدى قريباته من الدرجة الأولى (أخت ، خالة، عمة)، ومن الضروري أن تكون متزوجة، وأول مولود لها ذكرًا، حاملة "صينية الحنة" في زفة من السيدات لتوضع بجوار العريس على الجانب الأيمن استعدادًا لعملية التخضيب.
وتقوم من وقع الاختيار عليها بوضع عجينة الحنة في اليد اليمنى ثم اليسرى، وأثناء القيام بهذه العملية يجب أن تردد البسملة وذكر اسم الله سبحانه وتعالى أولًا، فتملأ الزغاريد ساحة المكان، وفي تلك الأثناء تبدأ هذه السيدة بالغناء والمدح للعريس وعائلته، والدعاء لغيره من الشباب، ثم تقوم بوضع عجينة الحناء في باطن القدم اليمنى تليها باطن القدم اليسرى.
عادة تقديم النقوط
ويتم تقديم ما يعرف بالمصطلح الشعبي بـ "النقطة أو النقوط" من قبل الجميع من الأقارب والأصدقاء الذين جاءوا على هيئة مجموعات لمجاملة العروسين، كل منهما في مكان اقامته، وقد تختلف عادة تقديم النقوط، من شخص إلى آخر، كما تختلف أيضًا بين أبناء النوبة من "الفاديجا" و"الكنوز"، فأحيانًا يقدم النقوط، في هيئة عينية كالسكر، والشربات وما شابه، وغالبًا ما يقتصر على مبلغًا غير محدد القيمة من المال.
ووفقًا للعرف السائد لدى أبناء أهل النوبة عمومًا، لا يجوز ولا يصح تقديم ما تم تقديمه من قبل، بمعنى إذا كان كلًا من العريس أو العروس قد قاما بتقديم النقوط لأي شخص من الأشخاص المدعوين، وفي أي مناسبة من المناسبات الاجتماعية، سعيدة أو حزينة، فلا يصح أن يقدم لأي منهما (العريس أو العروس) نفس الشيء أو نفس القيمة المالية، بل تقديم أشياء عينية أو مبلغًا من المال يزيد - نوعًا ما - عن ما قدم إليه مسبقًا.
وكما أبرز "الجوهري"، فإن لهدف من ذلك يتمثل في تعزيز روح الترابط والتعاون والوصال القائم والمشترك بين أبناء النوبة جميعًا، حيث تساعد عملية تبادل الهدايا، على دعم وتوطيد الروابط والعلاقات الاجتماعية القائمة بين الأفراد والجماعات والمجموعات، وهكذا الحال مع والدا العروس أو العريس.
شموع الحنة
في وسط "صينية الحنة"، يتم إشعال خمس شمعات أو سبع على حسب، وذلك اعتقادًا بأن استخدام شيئًا ما وفقًا للرقم خمسة، فإنه يمنع الاصابة بالحسد أو العين الشريرة، كما أن استخدام شيئًا ما وفقًا للرقم سبعة، يعبر عن اكتمال الشيء أو الوصول إلى غايته، وبما إنه كذلك، فإنه يعد رمزًا للتفاؤل والمباركة.
ولا تقتصر صينية الحنة على وضع الشموع فقط، بل توضع بها أيضًا بعض النقود المعدنية، وخاصًة إذا كانت من كبار السن من الحاضرين، وذلك إما لصد الأذى أو المباركة أيضًا.
اكتفيت بما قرأت، وشرد ذهني وأنا أتخيل تلك الليلة التي ستحمل عبق تلك البقعة الساحرة من أرض مصر الطيبة، وتمنيت لو سمحت لي الظروف بحضورها.
حضر تلك اللية الرائعة نحو عشرة أشخاص، كنت من بينهم، ولم أكن أعرفهم جميعا قبل أن نتعارف، وتنوعت الأحاديث بيننا على مائدة السحور ما بين سياسية واجتماعية وفنية وثقافية، وبعد أن انتصف الليل بنحو ساعتين، شكرت مضيفي، و استأذنت في الانصراف، وتبعني آخرين، إلا أن أحد الحضور وهو مهندس مدني خمسيني العمر يدعى أحمد حسين، ويرجع أصله للنوبة، طلب منا البقاء لدقائق ليعلن أمرا .
دعوة لحضور الحنة
عدنا إلى مقاعدنا، وبعد مقدمة من كلمات بسيطة أعرب فيها عن سعادته بالتواجد بيننا في تلك الليلة، ودعانا لتكرارها من جديد ولكن بشكل مختلف لديه، من خلال دعوتنا إلى "حنة" وزفاف ابنه خلال أجازه عيد الفطر المبارك.
تسابق الجميع لتقديم التهاني والأمنيات الطيبة، والوعد بالحضور، إلا أنني تعجبت من دعوته لحضور "الحنة"، فبادرته بسؤالي ضاحكا، أليست حفلات الحنة للسيدات والفتيات؟، فانتبه الجميع وهم يتطلعون إليه انتظارا للإجابة وقال: "الحقيقة طقوس "الحنة" في النوبة، تختلف فهي متعلقة بالعريس أكثر من العروس، ولأن تفاصيلها كثيرة، لن يتسع الوقت لأحدثكم عنها، وأعدكم بجلسة أخرى قبل انتهاء رمضان أحكي لكم عنها".
الانتقال إلى الحياة الزوجية
ودعنا مضيفنا، بعد أن اتفقنا على ترتيب لقاء جديد في موعد حددناه، لكن الأمر شغلني، وقررت البحث فيه.
وجاءت تسمية الليلة التي تسبق ليلة الزفاف بهذا الاسم نسبًة إلى عادة استخدام مسحوق أوراق شجرة الحناء في تخضيب أيدي وأقدام العروسين ، بهدف – كما قال د. محمد الجوهري في موسوعة التراث الشعبي في مجلد "العادات والتقاليد الشعبية" التزين، فضلًا عن إنها تعد رمزًا لانفصالهما عن مرحلة ما قبل الزواج، والانتقال إلى مرحلة الزوجية.
شروط من تقوم بحنة العريس
ولا تخلو مراسم الاحتفال بهذه الليلة - وخاصًة في منطقة النوبة المصرية – من العديد من الأشكال الثقافية كما أبرز "الجوهري"، حيث يقام في هذه الليلة احتفالان كبيران، أحدهما بمنزل العريس، والآخر بمنزل العروس، وفيهما يجتمع الأقارب والأصدقاء في الميعاد المحدد المتفق عليه من قبل أهل العريس والعروس.
ويتم استقبال الضيوف من قبل أهل العروسين والترحيب بهم بشكل أكثر من لائق، حيث يقدم لهم أشهى الأطعمة التقليدية ذات الطابع النوبي المميز، وفي تلك الأثناء - وخاصًة في حنة العريس – وبعد تجهيز "صينية الحنة" المكونة من (الحنة، والعطور، والبخور، وأنواع من الزيوت ذات الرائحة الطيبة كالمحلبية والسرتية)، يستعد العريس لعملية التخضيب بالحناء، فيخرج من بيته ليجلس على الأرض وسط أقاربه وأحبابه أمام البيت في وضع اتجاه القبلة، قبل أن تأتي والدته، أو إحدى قريباته من الدرجة الأولى (أخت ، خالة، عمة)، ومن الضروري أن تكون متزوجة، وأول مولود لها ذكرًا، حاملة "صينية الحنة" في زفة من السيدات لتوضع بجوار العريس على الجانب الأيمن استعدادًا لعملية التخضيب.
وتقوم من وقع الاختيار عليها بوضع عجينة الحنة في اليد اليمنى ثم اليسرى، وأثناء القيام بهذه العملية يجب أن تردد البسملة وذكر اسم الله سبحانه وتعالى أولًا، فتملأ الزغاريد ساحة المكان، وفي تلك الأثناء تبدأ هذه السيدة بالغناء والمدح للعريس وعائلته، والدعاء لغيره من الشباب، ثم تقوم بوضع عجينة الحناء في باطن القدم اليمنى تليها باطن القدم اليسرى.
عادة تقديم النقوط
ويتم تقديم ما يعرف بالمصطلح الشعبي بـ "النقطة أو النقوط" من قبل الجميع من الأقارب والأصدقاء الذين جاءوا على هيئة مجموعات لمجاملة العروسين، كل منهما في مكان اقامته، وقد تختلف عادة تقديم النقوط، من شخص إلى آخر، كما تختلف أيضًا بين أبناء النوبة من "الفاديجا" و"الكنوز"، فأحيانًا يقدم النقوط، في هيئة عينية كالسكر، والشربات وما شابه، وغالبًا ما يقتصر على مبلغًا غير محدد القيمة من المال.
ووفقًا للعرف السائد لدى أبناء أهل النوبة عمومًا، لا يجوز ولا يصح تقديم ما تم تقديمه من قبل، بمعنى إذا كان كلًا من العريس أو العروس قد قاما بتقديم النقوط لأي شخص من الأشخاص المدعوين، وفي أي مناسبة من المناسبات الاجتماعية، سعيدة أو حزينة، فلا يصح أن يقدم لأي منهما (العريس أو العروس) نفس الشيء أو نفس القيمة المالية، بل تقديم أشياء عينية أو مبلغًا من المال يزيد - نوعًا ما - عن ما قدم إليه مسبقًا.
وكما أبرز "الجوهري"، فإن لهدف من ذلك يتمثل في تعزيز روح الترابط والتعاون والوصال القائم والمشترك بين أبناء النوبة جميعًا، حيث تساعد عملية تبادل الهدايا، على دعم وتوطيد الروابط والعلاقات الاجتماعية القائمة بين الأفراد والجماعات والمجموعات، وهكذا الحال مع والدا العروس أو العريس.
شموع الحنة
في وسط "صينية الحنة"، يتم إشعال خمس شمعات أو سبع على حسب، وذلك اعتقادًا بأن استخدام شيئًا ما وفقًا للرقم خمسة، فإنه يمنع الاصابة بالحسد أو العين الشريرة، كما أن استخدام شيئًا ما وفقًا للرقم سبعة، يعبر عن اكتمال الشيء أو الوصول إلى غايته، وبما إنه كذلك، فإنه يعد رمزًا للتفاؤل والمباركة.
ولا تقتصر صينية الحنة على وضع الشموع فقط، بل توضع بها أيضًا بعض النقود المعدنية، وخاصًة إذا كانت من كبار السن من الحاضرين، وذلك إما لصد الأذى أو المباركة أيضًا.
اكتفيت بما قرأت، وشرد ذهني وأنا أتخيل تلك الليلة التي ستحمل عبق تلك البقعة الساحرة من أرض مصر الطيبة، وتمنيت لو سمحت لي الظروف بحضورها.
هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية