تسجيل الخروج

هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟

الصفحة الرئيسية > قائمة الأخبار > سبوت : "أنيما" في الأهرامات.. موسيقى المستقبل أم طاقة غامضة؟
source icon

سبوت

.

"أنيما" في الأهرامات.. موسيقى المستقبل أم طاقة غامضة؟

كتب: شيماء مكاوي 

أثار حفل الدي جي الإيطالي الأمريكي "أنيما" Anyma المقام تحت سفح الأهرامات جدلًا واسعًا، ليس فقط بسبب الحضور الضخم والتقنيات البصرية المبهرة، ولكن لما حمله العرض من رموز غامضة ومؤثرات ضوئية داكنة وكائنات مخيفة، جعلت كثيرين يتساءلون، هل يمكن أن تؤثر هذه الحفلات على طاقة المكان، خاصة في موقع أثري وروحي فريد مثل الأهرامات؟

طاقة الأهرامات الكونية
وفي هذا السياق، أوضحت الدكتورة لبنى أحمد، استشاري العلاج بالطاقة، أن منطقة الأهرامات من أعلى نقاط الطاقة على كوكب الأرض، إذ تتقاطع فيها خطوط الطاقة الكونية، ولهذا كانت مقصداً للملوك والكهنة منذ آلاف السنين لإجراء الطقوس الروحية.

وتابعت: حين تُقام حفلات تعتمد على موسيقى إلكترونية عالية التردد ومؤثرات ضوئية سريعة النبض في تلك المنطقة، فإنها تُحدث اهتزازًا طاقيًا شديدًا يربك توازن المجال المغناطيسي الطبيعي للمكان، وبدل أن ترفع الطاقة وتزيد، تنتج طاقة تشويش وسلبية قد يشعر بها سكان المنطقة في شكل اضطراب، توتر أو حتى كوابيس عند بعض الحساسين طاقيًا.

رموز غامضة
وحذرت استشاري الطاقة من أن دمج الرموز الغامضة أو الصور ذات الطابع المظلم أو الميتافيزيقي في مثل هذه الحفلات، "يُفتح بها بوابات طاقية غير مأمونة" لأن العين والعقل يلتقطان الترددات قبل أن يُدركها الوعي، فتُسجل كطاقة منخفضة تؤثر على المزاج العام في المحيط.

كما إن الطاقة التي تبث في مكان أثري كالأهرامات لا تبقى محصورة هناك، بل تنتشر على شكل ذبذبات في الحقل الجمعي للبلد، خاصة حين تكون مرتبطة بعواطف قوية أو أصوات جماعية عالية.

طاقة الخوف والغموض
وتوضح، عندما يُوجه التركيز الجماعي لآلاف الأشخاص نحو رموز غريبة أو موسيقى مضطربة، فإن ذلك يُبرمج وعي المكان بطاقة خوف أو غموض، فينعكس على حالة المجتمع بالتوتر، الغضب، أو نزعات عنيفة وعلى العكس، عندما تُقام فعاليات موسيقية راقية بروح الفن والجمال، فهي ترفع منسوب النور والبهجة في المجال الطاقي لمصر.

وأكدت استشاري العلاج بالطاقة أن الفن في جوهره طاقة راقية، واقترحت أن تُقام هذه الحفلات في أماكن مخصصة للطاقة الحديثة، بعيدًا عن المواقع الأثرية ذات البصمة الروحية.

في النهاية، تبقى الأهرامات أعجوبة هندسية وروحية لا ينبغي التعامل معها كمجرد خلفية للحفلات أو الصور، فكما هي قادرة على مضاعفة طاقة الشفاء، يمكن أن تُضخم أيضًا ما يُبث فيها من ترددات سلبية، وتقول لبنى أحمد في ختام حديثها: "الأهرامات ليست حجارة صامتة.. بل كيان حي يحمل ذاكرة الكون".

عالم الموسيقى الإلكترونية
ومن جانبه، أوضح خالد ناجي، مذيع أول بالبرنامج الموسيقى وشبكة الإذاعات الدولية، إن مشروع Anyma الذي يقدمه الفنان ماتيو ميليري يُعد من أبرز التجارب الحديثة في عالم الموسيقى الإلكترونية، إذ يجمع بين الحس الإنساني والتقنية الحديثة في صيغة صوتية وبصرية متكاملة.

 وأوضح أن موسيقى أنيما تنتمي إلى نوع الميلودي تكنو (Melodic Techno) والهاوس الميلودي (Melodic House)، وتتميز باستخدام الألحان العاطفية والطبقات الصوتية المتعددة التي تُضفي عمقًا وتناغمًا على الإيقاعات المنتظمة، مما يجعلها مختلفة عن التكنو التقليدي ذي الطابع الصارم.

وأضاف أن ما يميز Anyma عن غيره من فناني التكنو هو قدرته على المزج بين العاطفة والآلة، بين الإحساس الإنساني والمشهد الإلكتروني، فيخلق تجربة موسيقية تُحاكي العقل والوجدان في آنٍ واحد، كما أن عروضه الحيّة لا تقتصر على الموسيقى فقط، بل تمتد إلى مشاهد بصرية متزامنة بتقنيات الواقع الممتد، تحول الحفل إلى عرض صوتي وبصري غامر يطمس الحدود بين الواقع والخيال.

 ويرى ناجي أن هذا المشروع يُجسد ما يمكن تسميته بـ "الفن الإدراكي"، إذ يتجاوز الترفيه إلى توسيع مدارك المستمع وتفعيل حواسه بطريقة تجمع بين الموسيقى، الصورة، والتجربة الذهنية في آنٍ واحد.

التيكنو المظلم
ومن جانبه أوضح الدكتور محمود عمرو، أستاذ الموسيقى بمعهد الموسيقى العربية، إن ما قدمه الدي جى الإيطالي "أنيما" في حفله بالأهرامات يُصنف ضمن ما يُعرف بـ "التيكنو المظلم" والموسيقى البصرية التفاعلية.

وتابع؛ التكينو المظلم يعتمد على تكرار الإيقاعات الثقيلة، والذبذبات العميقة التي تتراوح بين 60 و100 هرتز، وهي مصممة لإدخال المتلقي في حالة غيبوبة صوتية تشبه التأمل، لكنها تختلف عن التأمل الروحي لأنها تُغذي الإثارة العصبية أكثر من الهدوء الداخلي.

ويضيف أن "أنيما" يستخدم في عروضه مزيجًا من البرمجة الصوتية والفيديو آرت، وهو أسلوب فني حديث يعتمد على خلق عالم افتراضي موازي من الأصوات والرموز والصور، لكن ما يجعل عروضه مثيرة للجدل هو الطابع البصري المظلم الذي يختاره، إذ تظهر الكائنات الغريبة والرموز الكونية المتحركة على شاشة حجمها 2000 متر وكأنها تحاكي فكرة مبهمة بطريقة فلسفية غامضة.

موسيقى الروك والميتال
وأوضح، هذه ليست موسيقى روك أو ميتال كما يشاع، لكنها تحمل في طياتها نفس الطاقة الحماسية والظلامية التي نجدها في تلك الأنواع، وهو ما يفسر انجذاب الشباب إليها من جهة، وخوف البعض منها من جهة أخرى.

وأشار د. محمود إلى أن اختيار الأهرامات كموقع للحفل منح العرض قوة بصرية استثنائية، لكن في المقابل خلق حالة تضاد بين روح التاريخ ونبض التكنولوجيا، قائلاً: "الأهرامات تمثل الثبات والسكينة، بينما هذه الموسيقى تمثل الحركة والصخب، وعندما يجتمعان، تحدث صدمة للمتلقي، وهو ما يلقى قبولا لدى البعض واستنفار لدى البعض الآخر".

مزج الصوت والصورة والحركة
وفي الإطار ذاته، يقول الناقد الموسيقي أحمد الشافعي إن ما قدمه "أنيما" ليس حفلاً اعتياديًا بقدر ما هو تجربة حسية متكاملة، لكنها تحمل جانبًا فلسفيًا خاصًا بتلك النوعية من الحفلات.

وتابع، هذه النوعية من الموسيقى تعرف باسم "أرت تكنو"، وهي ليست مجرد إيقاعات للرقص، بل مشروع فني يعتمد على إثارة اللاوعي وإعادة تعريف العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا.

لكن الخط الفاصل بين الفن والاضطراب هنا دقيق جدًا، فحين تتحول الرموز البصرية إلى كائنات غامضة، والألوان إلى ظلال قاتمة، يصبح الجمهور غير متأكد إن كان يعيش تجربة فنية حقيقية أم طقوس غريبة.

الافتقار للهوية الثقافية
وأكد أن عرض "أنيما" بالأهرامات كان جريئًا بصريًا وموسيقيًا، لكنه افتقر إلى الهوية الثقافية التي تربط الحدث بالمكان، لافتا أن الموسيقى التي قدمت لم تحمل أي ملامح من الحضارة المصرية أو الشرق الأوسط، مما جعل الأهرامات مجرد خلفية ضخمة لرسالة فنية لا تمت بصلة للمكان أو تاريخه.

وأوضح في نهاية حديثه أن الفن ليس خطرًا في ذاته، لكن حين تم استخدامه بشكل لا يتناسب مع الثقافة المصرية مع وجود عرض بصري مبهم وغير مفهوم لدى كثيرون، حول حالة إبداع إلى تجربة مشحونة بالارتباك والضوضاء السمعي والبصري، وهو ما يفسر انقسام الجمهور بين الانبهار والرفض.

الانغماس التأملي
ومن جانبها، تقول الدكتورة بسمة محمود، استشاري نفسي إن موسيقى أنيما تحدث تأثيرًا واضحًا على المستمع من الناحية العصبية والنفسية، حيث يسهم الإيقاع المنتظم في خلق حالة من التزامن العصبي داخل الدماغ تُعرف بـ "التناغم الزمني"، فتتوافق الموجات العصبية مع الإيقاع مما يعزز الإحساس بالتركيز والانغماس في اللحظة. 

كما أن الألحان الصاخبة والمساحات الصوتية الواسعة تثير الجهاز الباراسمبثاوي المسئول عن الاسترخاء، فتُحدث نوع من الانغماس التأملي بمعنى أخر يشعر المستمع بأنه منفصل عن الواقع، خاصة مع العرض البصري في الحفل، كما يؤدي البناء التصاعدي في الموسيقى والتكرار الديناميكي إلى إفراز الدوبامين تدريجيًا، وهو ما يفسر الشعور بالنشوة أثناء لحظات الذروة الموسيقية واستمتاع البعض بهذا النوع من الموسيقى خاصة فئة الشباب الذين ينبهرون بكل ما هو مختلف.
 

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟

حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية