تسجيل الخروج
هل تريد حقاً تسجيل الخروج؟
يحوى فيلم أوبنهايمر العديد من المواقف والمشاهد الدرامية تجسد الهدف من الفيلم وتفسر كثيرا من المسالك الشخصية والحوادث التاريخية المهمة التى يحويها الفيلم، وخصوصا عندما تصطدم السياسة والسلطة بالعلم والأخلاق وعندما تتم التضحية بالعالم من قبل السياسى، فيهمل العالم الذى اكتشف والذى اخترع والذى ضحى وتعرض للإصابة بمرض السرطان الذى أدى الى موته وهو فى الثانية والستين من عمره. ربما يكون أكثر مشهد راعنى شخصيا فى الفيلم هو المقابلة التى حدثت فى البيت الأبيض عقب الشهرة المدوية لأوبنهايمر وظهوره على غلاف مجلة تايم الأمريكية والتى كانت أمامه على مائدة بحجرة الانتظار لمقابلة الرئيس ترومان. حدثت المقابلة فى المكتب البيضاوى بتاريخ 25 أكتوبر 1945, أى بعد إلقاء قنبلتى هيروشيما ونجازاكى واستسلام اليابان فى 2 سبتمبر 1945 وانتهاء الحرب. فى بداية المقابلة أظهر الفيلم أن الرئيس الأمريكى كان متشوقا لمقابلة أوبنهايمر العالم الملقب بأبو القنبلة الذرية والذى بذل جهدا أسطوريا فى سبيل تصنيعها. عندما سأله ترومان متى سيحصل الاتحاد السوفيتى على أول قنبلة ذرية فأجاب أوبنهايمر أنه لا يعلم. عندها تغير اتجاه المناقشة فتحولت من الود الى النفور وأجاب ترومان أن الاتحاد السوفيتى لن يحصل عليها أبدا. ازداد غضب ترومان عندما قال أوبنهايمر إنه يشعر بأن على يديه دما فأخرج ترومان منديلا وأعطاه له قائلا بتهكم هل ترغب فى تنظيف يدك.الكاميرا تظهر عالما قلقا أدرك أن عمله والذين معه أدى الى سفك دماء مئات الآلاف وأنه يحمل أوزارا على ظهره ودماء على يديه، أما الرئيس السياسى يتهكم ويشخص بقسوة أوبنهايمر ويصفه بطفل كثير البكاء. ظن أوبنهايمر أن مقابلته ستحظى باحترام الرئيس وأنها ستكون فرصة تقنعه بأن يكبح جماح الأسلحة الذرية ولكنه فشل بالكامل. بعد المقابلة طلب ترومان من وزير خارجيته الذى كان يحضر المقابلة بصوت مسموع ألا يسمح له بزيارة البيت الأبيض مرة أخرى.
هناك مشهد مروع آخر حدث عقب إجراء أول اختبار للقنبلة فى تمام الساعة الخامسة والنصف فجر 16 يوليو 1945. الفيلم يذكر أن تلك التجربة حدثت يوم 15 يوليو مخالفة لما ورد فى الوثائق. السبب فى ذلك التباين هو تأجيل التجربة بضع ساعات نتيجة هطول الأمطار. تم تثبيت القنبلة على ارتفاع 30 مترا فى أعلى برج صلب. نتج عن الانفجار الذى قدرت طاقته بحوالى 20 ألف طن تى إن تى تكوين حفرة عرضها 76 مترا ومسببا هزات أرضية لمسافات تقدر بـ 160 كيلومتراً ومسببا سحابة ذرية بارتفاع 12 كيلومتراً.يوضح الفيلم أنه انتابت الحاضرين من العلماء والعسكريين بعد فترة سكون رهيبة حالة احتفال صاخبة كردة فعل لما أنجزوه. ذكر بعدها أوبنهايمر مشخصا للحظة الصمت القصيرة تلك بقوله كنا نعرف ان العالم تغير ولن يكون أبدا على حالته السابقة للانفجار. بعضنا انتابته حالة ضحك وبعضنا بكى ولكن غالبيتنا التزمت الصمت وتذكرت سطرا من الكتاب الهندوسى المقدس أن الإله فيشنو كان يحاول إقناع الأمير بأن يقوم بتأدية واجبه. عندما تسلح الأمير بطبقات من السلاح قال: «الآن اصبحت الموت ذاته وأصبحت محطم العالم».
هناك موقف ثالث لن ينساه التاريخ لأوبنهايمر وذلك بقوله معلقا عقب إلقاء القنبلة على هيروشيما: يا ليت قنبلة مثلها ألقيت على ألمانيا. أيضا هناك موقف مروع على المستوى الإنسانى ويثبت أن أوبنهايمر شخصية قلقة وأن به نوعا من الاعوجاج لدرجة أنه حاول باعترافه فى مجلس شراب خلال رحلة مع أربعة من أصدقائه بأنه حاول دس السم فى تفاحة ليقتل معلما له فى كمبردج بأن تركها على مكتبه غير أن القدر شاء ألا يأكلها المعلم, وهو الأمر الذى أظهره الفيلم، غير أن الفيلم لم يظهر أن الجامعة أرادت إبلاغ البوليس بالأمر عقب معرفته, غير أن الصدفة أنقذته من الطرد والسجن حيث كان والده يزوره فى ذلك الحين وعندما علم بالأمر توسل للمسئولين بالجامعة أن يتغاضوا عن الأمر، خصوصا أنه لا يوجد دليل مادى عن الحادث وأن الأمر لا يعدو غير بلاغ قد يكون كيديا ضد ابنه, وهو الأمر الذى أقنع الجامعة بأن تتغاضى عما حدث. هناك مشهد يظهر فيه كتاب قصيدة «الأرض الخراب» للكاتب تى.إس.إليوت وهناك أيضا أحاديث فى الفيلم عن اهتمامه بالأعمال الشعرية والأدبية الأخرى تدل على أن أوبنهايمر كان إنسانا متعدد الأبعاد وكان من فرسان الثقافتين وكان رقيق المشاعر. كانت هناك أيضا مشاهد إصراره على شراء الورد لصديقته التى أخبرته مرارا وتكرارا بأنها تكره الورد, وكانت تلقيها فى الزبالة بمجرد إعطائه لها. كان آخر تلك المشاهد أثناء ذهابه إليها لآخر مرة رغم أنه كان متزوجا وبمجرد تسليمه لها بوكيه الورد ألقته فى الزبالة.
كان معارضا لتصنيع القنبلة الهيدروجينية منذ أن اقترح فكرتها إدوارد تيلير بدلا من القنبلة الذرية فى إحدى المناقشات الأولى للقنبلة الذرية قبل تصنيعها والتى كانت تعقد دوريا كنوع من العصف الذهنى للعلماء بلوس ألموس. عارضه حينها أوبنهايمر فأسرها تيلير فى نفسه ولم يبدها وظل يخفى فى قلبه عداوته لأوبنهايمر والتى تجسدت فى شهادته المدينة له عام 1954, عندما كانت لجنة مجلس الشيوخ تستجوب أوبنهايمر. كان هذا الأمر هو الذى جعل ستراوس ينقلب عليه أيضا لأنه كان تبنى فكرة تيلير بضرورة تصنيع القنبلة الهيدروجينية فجهز ملفا يحوى كل المخالفات الشخصية والمهنية لأوبنهايمر, وقام بتسليمه للجنة التى تحقق معه إضافة أيضا الى شهادته ضده. مشاهدة الفيلم ضرورة لفهم تاريخ لاينسى لكل البشرية.

هل تريد تفعيل الإشعارات ؟
حتي لا يفوتك أخر الأخبار المصرية والعالمية
مشاركة
٠ إعجاب
حفظ
هل تريد إضافة تعليق ؟